عالم فوق صفيح ساخن!!
محمد حسن يوسف
مدير عام بنك الاستثمار القومي
دخل العالم منذ حدوث الأزمة المالية والاقتصادية العالمية، التي بدأت في أواخر عام 2007، مرحلة جديدة من إعادة الحسابات والأوضاع ما زالت تجري ترتيباتها حتى الآن. فقد أدت تلك الأزمة لبزوغ نجم قوى اقتصادية أخرى، مثل الصين، تحاول بكل قواها المشاركة في الكعكة وعدم ترك الأمور كلية للولايات المتحدة الأمريكية كقوة عظمى منفردة.
على أن مما لاشك فيه أن حدوث الثورات والاضطرابات في المنطقة العربية سوف يعيد من جديد تقسيم التحالفات والارتباطات الدولية مرة أخرى. وإذا كانت هذه الأحداث المتلاحقة لم تصل بعد لنتائج معينة، إلا أنها قد أربكت حسابات الدول الكبرى في كيفية اتخاذ ردود الأفعال المناسبة حيالها.
وعلى سبيل المثال، حينما اندلعت الثورة المصرية في يناير الماضي، كانت الولايات المتحدة توازن بين خيارين: إما التمسك بالمبادئ والأفكار النبيلة التي تدعو لها، والوقوف بصرامة في وجه النظام المصري القائم آنذاك لدعم مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان وعدم استخدام القوة ضد المتظاهرين، وبذلك تدخل في مواجهة احتمال انفراط عقد سلسلة محكمة البناء في منطقة هامة من مناطق نفوذها، قد تتضمن التضحية بدورها كلية فيها فيما بعد. وإما الإبقاء على مصالحها والتغاضي عن مبادئها. وقد انحازت للخيار الأول، وما زالت لم تعرف إلى الآن أية ملامح واضحة لهذا الخيار، وهو الأمر الذي حدا بأحد المسئولين الكبار في الإدارة الأمريكية للقول بمزيد من الرثاء: " لقد فعلنا كل شيء مع مصر، ولكننا لا نعرف من الذي نتعامل معه الآن!! ".
نفس الأمر يتكرر في حالة ليبيا، فقد وقفت أوربا بزعامة فرنسا وبريطانيا أمام خيارين: إما غسل أيديهم جميعا من تحالفات مشينة مع النظام القائم والانحياز للجانب الصحيح من التاريخ باختيار جانب الثورة، وإما الإبقاء على مصالح وتوازنات قائمة لا تهددهم بأية عواقب غير مرضية.
وإذا ما كانت الحالة الثورية التي تمر بالمنطقة العربية لم تنته بعد، إلا أنه من المؤكد أن تفرض شكلا جديدا للعلاقات الدولية يقوم لأول مرة في العصر الحديث على أخذ المصالح العربية في الاعتبار عند صنع القرار. بل وربما يؤثر تماما على مستقبل الصراع الأهم في المنطقة، وهو الصراع العربي الإسرائيلي، الذي ما زال مستمرا منذ خمسين عاما، بما يضع الحل الناجع له!!
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]3 من جمادى الأولى عام 1432 من الهجرة ( الموافق 6 من إبريل عام 2011 )
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]