سؤال وجواب في " الإجازات القرآنية " بقلم الشيخ حسن مصطفى الوراقي
سؤال وجواب في "الإجازات القرآنية " بقلم الشيخ حسن مصطفى الوراقي (فهذه بعض الأسئلة والإجابة عليها في موضوع " الإجازات القرآنية " وهي ضمن بحث
وجيز كتبه الشيخ حسن بن مصطفى الوراقي
المصريعضو هيئة التدريس بقسم الدراسات القرآنية
– كلية المعلمين بالطائف – والمقرئ بالمعهد العلمي الأزهري بمساكن
كورنيش النيل – روض الفرج – القاهرةcolor=red]س1 هل الإجازة تكون في
القرآن فقط ؟ وهل الأصل إجازة القرآن أم الحديث ؟قال الدكتور محمد بن فوزان في إجازات القراء 12 -13:
"
إن
الإجازة القرآنية نوع من الإجازات العلمية المتعددة، وهناك إجازات المحدثين وهي
الأصل في هذا الباب، وإجازات الفقهاء وإجازات القراء وإجازات القضاة وإجازات
الخطاطين وإجازات الشعراء بل وإجازات الأطباء، وإن هناك إجازات أخرى تقديرية
وتكريمية بين العلماء بعضهم بعضاً وبين العلماء والملوك والأمراء، فشملت الإجازات
العلمية سائر العلوم الدينية وتجاوزتها بشكل سريع إلى العلوم الإنسانية والمادية
بل وأصبحت الإجازة بحدّ ذاتها أمنية لكل مسلم في نيلها والحصول عليها بل ويلحون في
طلبها.
وقال الدكتور عبد الله
بن عبد الرحمن الشتري
:
أقول
إنَّ إجازات القراء كما سمعنا أن الأصل في الإجازات هو لأهل الحديث،
أنا أقول إن الأصل في الإجازات هو لأهل القراءات
لأن لهذا أصل في القرآن وفي السنة،
أما الأصل الذي في القرآن فهو قوله تعالى ( لا تحرك به لسانك
لتعجل به، إن علينا جمعه وقرآنه، فإذا قرأناه فاتبع قرآنه)،
وأما في السنة فإن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد
أجاز شفهياً بعض أصحابه حينما قال لأبي: (أقرؤكم أبيّ) وحينما استمع لقراءة
عبدالله بن قيس أبو موسى الأشعري وأثنى عليه في قراءته وهذه إجازة شفهية، وكذلك
لعبدالله بن مسعود، وكذلك لغيرهم من القراء الذين اشتهروا في زمن الصحابة.
والأسانيد
في القراءات هي مبثوثة في كتب أهل العلم، حتى إن من أهل الحديث من كان متقدماً في
الإسناد في القراءات ثم الحديث،
وكذلك الفقهاء كانوا كذلك ومن اطلع على كتب
القراءات وكتب تراجم القراء مثل غاية النهاية وطبقات القراء للإمام الذهبي وغيرهم
فإنه سيجد الكمَّ الهائل من علماء الحديث وعلماء اللغة وعلماء الفقه كانوا أهل
إقراء وكانوا يجيزون حينما أخذوا هذه الإجازات،
فالإجازات والإسناد أمرها كبير وشأنها عظيم، ولكنها في
الأزمان المتأخرة خبت أو خفيت عن كثير من الناس حتى جاء هذا الوقت بحمد الله تعالى
وأحيا هذا العلم ،( اهـ من الندوة الأولى للملتقى الأول للجمعية العلمية السعودية
للقرآن الكريم وعلومه )بتاريخ 22 / 10 / 1424 هـ .س2 ) هل من حصل على شهادة من معهد
القراءات أو كلية علوم القرآن سواء في حفص أو في القراءات أصبح مجازا في ذلك وله
الحق في إجازة غيره ؟
مقدمة
معهد القراءات جهة تابعة للأزهر الشريف
والدراسة فيه 8 سنوات ، سنتان في حفص وبنهايتها يحصل الطالب على "شهادة
التجويد "المعتمدة من الأزهر الشريف ، وإذا أراد أن يكمل الطالب الدراسة بعد
هذه المرحلة ،فله أن يدخل مرحلة "عالية القراءات " وفيها يدرس الطالب
القراءات العشر الصغرى مع حفظ متن " الشاطبية والدرة " وبنهايتها يحصل
الطالب على شهادة " عالية القراءات " ، وإذا أراد الطالب أن يكمل
الدراسة فله أن يدخل مرحلة " التخصص " وفيها يدس الطالب القراءات العشر
الكبرى من خلال متن " طيبة النشر " لابن الجزري ، وبنهايتها يحصل الطالب
على شهادة التخصص ، وإذا أراد أن يكمل بعد ذلك فله الدراسة في كلية علوم القرآن
بطنطا ومدة الدراسة أربع سنوات يحصل بعد نهايتها على البكالوريوس.
وبعد
هذه المقدمة نقول : إن الذي يحصل على شهادة من المعهد أو الكلية لا تعتبر هذه
الشهادة بمثابة الإجازة لماذا ؟:
غالبا
الشيوخ الذين يُدِّرسون في المعهد ليس معهم إجازات ، إلا من قرأ على المشايخ خارج
المعهد ، وهؤلاء المجتهدون الذين يعدون على الأصابع .
غالبا الذين يَدْرسون في الجهات
الرسمية تكون غايتهم الشهادة ليعملوا بها في الداخل أو الخارج .
أن الطالب لا يعرض القرآن كله على
الشيخ في خلال السنة الدراسية ، لان هذا الطالب يقرأ جزءا والذي بعده يقرأ جزءا ،
وهكذا ، فينتهي الطالب من السنة الدراسة وما يكون قرأ ربع القرآن على الشيخ.
أن أكثر الطلاب يغيبون ولا يحضرون إلا
على وقت الامتحان ، ثم ينجحون في النهاية بالغش أو غيره كما هو حال أكثر من 70 %
من الطلاب ، وأنا أقول هذا الكلام لأنه" ليس الخبر كالمعاينة " ، وكثيرا
ما كنت اصطدم مع بعض المدرسين بسبب ذلك الغش خاصة في القرآن الكريم والمواد
الشرعية، ويغضب علىّ كثير من إخواني . أن كثيرا من الطلبة الذين تخرجوا من
معاهد القراءات مستوياتهم دنيئة جدا ولا يحسنون قراءة حفص فضلا عن القراءات .وغير ذلك من الأمور والأسباب التي تجعل الشهادة لا تكون
بمثابة الإجازة ، ولكن الجمع بينهم طيب وأفضل ، فيحاول الطالب أن يجمع بين الاثنين
" الشهادة والإجازة " ، والله أعلم .
س3 هل يجوز للطالب أن يقرأ على شيخه
عبر التليفون أو الإنترنت ؟لقد
كثُر الكلام على القراءة عبر التليفون والإنترنت في هذه الآونة الأخيرة ، وذلك لأن
التليفون وغيره لم يكن في عهد المتقدمين ، فأقول وبالله التوفيق :
يجوز
أن يقرأ الطالب على شيخه عبر التليفون وغيره خاصة إذا كان الشيخ كفيفاً فمن
المعلوم أن الشيخ الكفيف لا يرى من يقرأ عليه وهو جالس معه في الغرفة ، فما الفرق
بين أن يقرأ الطالب عليه أمامه وبين أن يقرأ عليه عبر التليفون وغيره ؟!
ولكن
هناك بعض الضوابط وهي :
1)
أن يكون الشيخ عنده قوة ملاحظة في
حركات فم الطالب من إتمام الحركات ، وعدم ضم الشفتين في غير موضعه ، وغير ذلك من
الأشياء الدقيقة .
2)
أن يكون صوت التليفون صافيا نقيا دون
تقطيع أو تشويش حتى يتسنى للشيخ أن يسمع القراءة جيدا ، وكذلك الإنترنت ، سواء على
الماسنجر أو البالتوك ، فإن هذا الأمر يتطلب في القرآن خصوصا ، لقراءته بكيفية
مخصوصة ، أما الحديث فغير القرآن من حيث الأداء والكيفية .أن يكون الشيخ على ثقة بهذا الطالب في إتقانه وتجويده ، خاصة
في حركات الفم ، ولا سيما إذا كان هذا الطالب مجازا من أحد المشايخ .
3)
هناك بعض الأشياء المهمة لابد للطالب
أن يتلقاها من شيخه ويراه وهو يقرؤها مثل الروم والإشمام وغير ذلك ، فعلى الطالب
أن يسأل شيخه عن ذلك عندما يحضر إليه.
تنبيه: لا ينبغي التساهل في هذا الأمر ، إلا لمن يسكن
بعيدا عن الشيخ من باب التسهيل والرحمة عليه .
وبالجملة فإن هذه الخدمة "
التليفون والإنترنت " من النعم التي أنعم الله بها علينا خاصة إذا استخدمت في
العلم مثل قراءة القرآن والحديث وغير ذلك من العلوم النافعة ، وهناك بعض المشايخ
يقرءون عبر هذه الأشياء ومنهم :
شيخنا
الشيخ / عبد الباسط هاشم – حفظه الله تعالى –
الشيخ / محمد عبد الحميد السكندري _
حفظه الله -
شيخنا
الشيخ / محمد نبهان مصري –حفظه الله تعالى –
الشيخ
المحدث / عبد الوكيل عبد الحق الهاشمي – حفظه
الله تعالى - .
س4 : نرجو توضيح صيغة الإجازة التي يعطيها الشيخ للطالب ؟
صيغة الإجازة تكون على الشكل التالي :
يكتب
الشيخ في أول صفحة غالبا اسمه واسم المجيز والرواية أو القراءة التي قرأها الطالب
، ثم يذكر مقدمة وبعدها يذكر أن الطالب الفلاني قرأ عليه القرآن من أوله إلى آخره
غيبا عن ظهر قلب برواية أو قراءة كذا ، وبعضهم لا يكتب غيبا عن ظهر قلب ، ثم يذكر
الوصايا للطالب أو الشروط ، ثم يذكر سنده للطالب ، بعضهم يعطي الطالب سندا واحدا ،
أي : يعطيه سندا عن شيخ واحد ، والبعض يعطي للطالب كل الأسانيد التي أخذها من
شيوخه في الرواية أو القراءة التي قرأها الطالب ، ثم في الختام يوقع الشيخ على
الإجازة ويختمها بختمه ، والبعض يضعون شهودا يشهدون ويوقعون على الإجازة كما مر
معنا ، وبعضهم يكتب الإجازة في ورقة واحدة فقط ، يذكر فيها مقدمة بسيطة ثم اسم
الطالب ثم السند باختصار ، كالشيخ الزيات – رحمه الله - ، وغيره .
أقول
: والأفضل للشيخ أن يكتب عنده في دفتر خاص به أو كراسة اسم الطالب الذي ختم عليه
وأن يكتب تاريخ الختمة ، وعنوان الطالب إن أمكن ورقم هاتفه ، ويعرِّف الشيخ أبناءه
بكل طالب قرأ عليه ، فإن هذا أوثق في عدم التدليس وغيره ، وإن أمكن للطالب أن يسجل
في نهاية الختمة الإجازة شفويا فهذا أوثق ، ليكون معه إجازة مكتوبة وأخرى شفوية ،
وقد فعلت ذلك مع شيخي العلامة / بكري الطرابيشي وغيره .
س5 : هل الطالب الذي عنده خلل في نطق بعض
الحروف كـ " الراء ، والسين ، والصاد " وغير ذلك يأخذ الإجازة إذا ختم
القرآن على شيخه ؟هناك
بعض الناس قراءته طيبة ومتقنة إلا انه عنده عيب في نطق بعض الحروف كاللدغة في
" اللام " ، وتكرير " الراءات " بشكل مفرط ، فهذا الطالب إذا
لم يستطع أن يغير هذا الخلل يوم بعد يوم وعجز عن إصلاحه فلا شيء عليه والدليل قوله
تعالى : ( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ) ، وقوله : ( لا يكلف الله نفسا إلا ما
آتاها )، والنبي – صلى الله عليه وسلم – يقول في الحديث : " إن الله تجاوز لي
عن أمتي الخطأ والنسيان ......" الحديث وما دام أن الخطأ صاحبه غير متعمد
فمعفو عنه بإذن اللهوالقاعدة
تقول : " المشقة تجلب التيسير " ، والأخرى تقول : " القدرة مناط التكليف " أي : أن
الإنسان مكلف بفعل الشيء إذا كان مقتدرا عليه ، وبمفهوم المخالفة إذا لم يكن
مقتدرا فلا شيء عليه .
وعلى
ذلك فإذا كان الخلل بسيطا كبعض الحروف فالشيخ يعطي هذا الطالب الإجازة بشرطين
الأول : أن يستطيع هذا الطالب أن يصلح
هذه الأخطاء لغيره .
الثاني
: أن ينص الشيخ على ذلك في الإجازة .
الثالث
: ألا يكون هذه الأخطاء في كل الحروف أو أكثرها .
س6 : هل يجوز للشيخ أن يشترط "
الهدية " على الطالب عند نهاية الختمة كما يفعل البعض الآن ؟قال
ابن الجزري – رحمه الله- في منجد المقرئين ص 60 :
"وأما
قبول الهدية ممن يقرأ عليه ؛ فامتنع من قبولها جماعة من السلف تورعا من أنها تكون
بسبب القراءة .
قلت
: هذا إذا لم يشترط الشيخ على طالبه ؛ بل برغبة الطالب ، أما الآن فلا حول ولا قوة
إلا بالله الشيخ يشترط قبل القراءة ويقول مثلا : أنا بأخذ كذا في الشهر ، وفي
الإجازة كذا ، وأما الهدية فإما أن تأتي بكذا وكذا وإما أن تأتي بكذا وكذا .
قال
الإمام النووي – رحمه الله تعالى – في التبيان ص44/45 :
" ولا
يشين المقرئ إقراءه في طمع في رفق يحصل له من بعض من يقرأ عليه ، سواء كان الرفق
مالا ، أو خدمة وإن قلّ ، ولو كان على صورة الهدية ، التي لولا قراءته عليه لما
أهداها إليه " أهـ .
قال
ابن الجزري تعليقا على كلام النووي في المنجد ص 61 :
"وحسن
التفصيل ، كما قيل في القاضي : لا يخلو ؛ إما أن يكون القارئ كان يهدي للشيخ قبل
قراءته عليه ، أو لا ، فإن كان ؛ فلا يكره " أهـقلت
: إذا أعطى الطالب شيخه الهدية برغبته ودون عسر عليه فلا شيء في ذلك ، وإنما مربط
الكلام في الذين يشترطون ويشقون على الطالب وإذا لم يستطع أن يأتي بالهدية فضحه
الشيخ ، وربما منع منه الإجازة حتى يأتي بالهدية ، نسأل الله العفو والعافية .
ولله
در شيخنا الجليل العلامة / بكري الطرابيشي-حفظه الله- الذي كان يرفض حتى زجاجة
العطر من الطالب ، وأخبرني أحد الإخوة أنه أهدى له هدية بسيطا بعد إلحاح شديد على
الشيخ فأخذها الشيخ ، وردها عليه الشيخ بهدية ثمينة جدا ، والله أعلم .
س7
: ما هي الفترة التي يختم فيها الطالب القرآن برواية أو قراءة أو أكثر على شيخه
لينال الإجازة ؟أوردت
هذا السؤال لأن بعض إخواننا من القراء المتقنين ذهب إلى شيخ وقرأ عليه القرآن في
أربعة أيام ، فقيل له : أخذ الإجازة في أربعة أيام ، ما هذا التساهل ؟ وذلك لأن
المتكلم لا يفرق بين متقن وغيره ، وعلى العموم أنقل ما قاله ابن الجزري في هذه
المسألة ، حيث قال في المنجد (64-65-66) دار الفوائد:
" ويستحب
أن يسوّي بين الطلبة بحسبهم ، إلا أن يكون أحدهم مسافرا، أو يتفرس فيه النجابة ،
أو غير ذلك ، وله أن يقرئهم ما شاء كثرة وقلة .
وأما
ما ورد عن السلف من أنهم كانوا يقرئون ثلاثا ثلاثا ، وخمسا خمسا ، وعشرا عشرا ، لا
يزيدون على ذلك ، فهذه حالة التلقين ، وأما من يريد تصحيح قراءة أو نقل رواية ، أو
نحو ذلك ؛ فلا حرج على المقرئ أن يقرئه ما شاء .
وقد
قرأ ابن مسعود – رضي الله عنه – على النبي – صلى الله عليه وسلم – من أول سوة
النساء إلى قوله تعالى ( وجئنا بك على هؤلاء شهيدا ) ] النساء /41 [.
وقال
نافع لورش – لما قدم عليه وسأله أن يقرأ عليه - : بِتْ في المسجد ، فلما اجتمع
عليه أصحابه قال لورش : أبتَّ في المسجد ؟ قال نعم ، قال : أنت أولى بالقراءة ،
فقرأ عليه القرآن كله في خمسين يوما ، وعلى هذا مضت سنة المقرئين .
وقد
قرأ الشيخ نجم الدين عبد الله بن عبد المؤمن – مؤلف الكنز – القرآن كله جمعا
بالعشر على شيخ شيوخنا الإمام المسند تقي الذين محمد بن أحمد الصائغ لما رحل إليه
إلى مصر في مدة : سبعة عشر يوما .
وقرأت
أنا على شيخنا العلامة شمس الدين محمد بن عبد الرحمن بن الصائغ ، لما رحلت إليه
الرحلة الأولى إلى مصر ، وأدركني السفر ، وكنت قد وصلت إليه إلى آخر ( الحجر )
جمعا للقراءات السبع ، بمضمن " الشاطبية " ، و " العنوان " و/ " التيسير " ، فابتدأت
عليه ( النحل ) ليلة الجمعة ، وختمت عليه ليلة الخميس في ذلك الأسبوع .
وآخر
مجلس قرأته : أني ابتدأت من أول ( الواقعة ) ، ولم أزل حتى ختمت في مجلس
واحد ليلا .
وقدم
علىّ دمشق شخص من حلب ، فقرأ علىّ القرآن أجمع بقراءة ابن كثير في خمسة أيام
متتابعات ، ثم قراءة الكسائي في سبعة أيام كذلك .أهـإذا
العبرة بإتقان الطالب ومهارته ، وأيضا أن يكون الشيخ عنده فسحة من الوقت ، ولو قرأ
الطالب على شيخه القرآن كله في يوم واحد فلا شيء في ذلك ولا يعتبر هذا تساهلا إلا
إذا أفرط القارئ في التلاوة وتركه الشيخ كي يختم .
س8 : هل يجوز الإجازة المجردة عن العرض والسماع ؟الإجازة
القرآنية إما أن تكون عرضا وسماعا وهذا قليل جدا وهذه الطريقة التي تعلم بها النبي
– صلى الله عليه وسلم – القرآن عن جبريل ، وإما أن تكون عرضا فقط ، وهذه الطريقة
التي يسري بها أكثر القراء الآن ، فإن الطالب يقرأ والشيخ يسمع ويصحح إذا كان هناك
خطئا ، وإما أن تكون الإجازة سماعا ، يعني الشيخ يقرأ والتلميذ يستمع، وهذا نادر
جدا في القرآن ، كثير جدا في الحديث ، وأعلى درجات هذه الإجازة هي المقرونة بالعرض
والسماع ، والأنواع الثلاثة كلها جائزة ، وعلى ذلك فهل يجوز للطالب أن يذهب لشيخ
ويطلب منه الإجازة دون أن يقرأ عليه شيئا أو يسمع منه شيئا ؟اختلف
العلماء في ذلك ، فبعضهم جوَّز ذلك والبعض منع ، فممن جوَّز ذلك مطلقا : العلامة
الجعبري ، وممن منع ذلك الحافظ أبو العلاء الهمداني وبالغ في ذلك وعدّها من
الكبائر.
قال
الدكتور / محمد بن فوزان في إجازات القراء ص 42 :
" لا
تجوز الإجازة المجردة عن العرض والسماع مطلقا ، ولا تمنع كذلك مطلقا ؛ لكنها تجوز
إذا تحققت في القارئ الأهلية وأراد علو السند وكثرة الطرق والمتابعة والاستشهاد ،
وأما إن كان من غير متابعة فقد توقف في ذلك ابن الجزري واشترط الأهلية " أهـقلت
:ومعنى ذلك أن من كان متقنا ماهرا قرأ على أكثر من شيخ ، وأراد علو سنده من شيخ
آخر بطلب الإجازة فلا شيء في ذلك ، أما المبتدأ أو الغير متقن فيمنع من ذلك .
س 9: اذكر لي سندين أحدهما أعلى من
الآخر ، مع كيفية معرفة ذلك ؟
العلو قد يكون مطلقا وقد يكون نسبيا ،
فالمطلق : قلة عدد الرجال في السند بينك وبين النبي – صلى الله عليه وسلم -، والنسبي: قلة
عدد الرجال بينك وبين إمام من الأئمة كابن الجزري والشاطبي وغيرهما ، ولنأخذ مثالا
على العلو النسبي من طريق الشاطبية بين سندين :
ولنأخذ
مثلا الشيخ أحمد بن عبد العزيز الزيات – رحمه الله–
قرأ
الشيخ الزيات على الشيخين /1- عبد الفتاح هنيدي وخليل الجنايني وهما2-على محمد
أحمد المتولي وهو عن 3- الدري التهامي عن 4-أحمد المعروف بسلمونه عن 5-إبراهيم العبيدي عن 6- عبد الرحمن الأجهوري عن 7- أحمد البقري
عن 8- محمد البقري 9-عبد الرحمن اليمني عن 10- شحاذة اليمني عن 11- ناصر الدين
الطبلاوي عن 12- زكريا الأنصاري عن 13- رضوان العقبي عن الإمام محمد بن الجزري .
ففي
هذا السند بين الشيخ الزيات وبين ابن الجزري 13 رجلا ، فهل يوجد أعلى من هذا السند
من طريق الشاطبية ، أقول : نعم ، وهو سند شيخنا العلامة / بكري الطرابيشي وهو :
قرأ
الشيخ الطرابيشي على 1- محمد سليم الحلواني عن 2-/ أحمد بن محمد بن علي الرفاعي
الحلواني ، عن 3-/ أحمد بن رمضان المرزوقي عن 4-/ إبراهيم بن بدوي بن أحمد العبيدي
، عن 5-/عبد الرحمن بن حسن الأجهوري عن 6-/ أبي السماح أحمد ابن رجب البقري عن 7-/
محمد بن قاسم البقري عن 8- /عبد الرحمن اليمني ، عن 9- / شحاذه اليمني، عن 10- / ناصر الدين الطبلاوي عن -11/ زكريا الأنصاري ، عن 12- رضوان
العقبى ، وهو على إمام هذا الفن خاتمة المحققين الشيخ محمد بن محمد بـــن محمد بن
الجزري – رحمه الله تعالى - .فالشيخ الطرابيشي
بينه وبين ابن الجزري 12 رجلا من الطريق المشهور و11 من الطريق الغير مشهورفيكون
السند قل واحدا فبهذا يكون الشيخ الطرابيشي أعلى من الشيخ الزيات – رحمه الله –
بدرجة من طريق الشاطبية ، والملاحظ أنهما التقيا عند الشيخ / إبراهيم العبيدي ،
وهذا من جهة العلو النسبي من طريق الشاطبية باختصار ، وغالبا من طريق الشاطبية
تلتقي الأسانيد من ابن الجزري إلى النبي – صلى الله عليه وسلم - ، فأنت احسب أخي
الكريم العدد الذي بينك وبين ابن الجزري في أي سند من طريق الشاطبية ستعرف بذلك
العلو إن شاء الله تعالى لأن من ابن الجزري الى النبي الاسانيد غالبا لا تختلف .
والله اعلم
س9 :ما هو حكم أخذ الأجرة على تعليم القرآن
وكذلك الإجازة ؟قال
أخي الشيخ / خالد عبد الله - حفظه الله تعالى - في " الإفادة في ضبط الإجازة "
" ما
اعتاده كثير من مشايخ القراء من امتناعهم من الإجازة إلا بأخذ مالٍ فى مقابلها ،
لا يجوز إجماعا
بل إنْ عَلِمَ أهليته وجب عليه الإجازة , أو
عدمها حَرُمَ عليه , وليست الإجازة مما يقابل بالمال , فلا يجوز أخذه عنها ، ولا
الأجرة عليها بل هى حق الطالب المؤهل لها( ) .
وأما أخذ الأجرة على التعليم فجائز ففى
البخارى(إن أحق ماأخذتم عليه أجر كتاب الله) وقيل إن تعين عليه لم يجز , وقيل
لا يجوز مطلقا وفى البستان لأبى الليث التعليم على ثلاث أوجه :-
أحدها
للحسبة ولا يأخذ به عوضا .
والثانى
: أن يعلم بالأجرة .
والثالث
: أن يعلم بغير شرط ، فإذا أهدى إليه قبل .
فالأول
مأجور وعليه عمل الأنبياء
والثانى مختلف فيه , كان معلما للخلق)صلى الله عليه و سلم ) والأرجح الجواز
،
والثالث يجوز إجماعا , لأن النبىوكان يقبل الهدية .
أقول :حقا لقد تغالى البعض حتى إن
بعضهم يطلب بالدولارات والبعض الآخر يشترط في الختمة ثلاثة أو أربعة أو خمسة آلاف
جنيها في حفص ، والبعض يطلب في العشر الكبرى عشرة آلاف جنيها وتُدفع قبل القراءة
على الطاولة كما يقولون ، وأنا أعتب على الذين يرضون بدفع هذه الأموال ليحصلوا على
الإجازة ، فيأتي أحد إخواننا من الذين لا يملكون أن يدفعوا ذلك المبلغ للشيخ ،
ويعطونه ما يستطعون دفعه ، فيرفض الشيخ ، ويقول له : أنا آخذ في الختمة كذا وكذا
وإخوانك يدفعون لي ذلك المبلغ ، وبعضهم يدفع ذلك المبلغ لأنه سيحصل على أضعافه عند
إقراءه كما سمعت بعضهم يقول ذلك عند أحد المشايخ .
وعذر
هؤلاء المشايخ الذين يشترطون هذه المبالغ الطائلة أن هناك الكثير والكثير من
المقرئين وطالما أن القارئ خصني بالإجازة لشهرتي فليدفع ، وبعضهم يقول : إني
إجازتي مشهورة في كل مكان في العالم والمبلغ الذي ستدفعه لي ستحصِله في ختمتين ،
نسأل الله العفو والعافية .
لقد أخبرني أحد الإخوة أنه أتت إليه
سفرية إلى الإمارات ويحتاج إلى إجازة من شيخ معين لأنه معروف في هذه البلد ، فذهب
إليه وطلب أن يقرأ عليه كي يأخذ الإجازة ويعطيه ما يستطيع دفعه ، فاشترط عليه
الشيخ مبلغا كبيرا جدا ، وهذا قبل أن يزيد السعر الآن ، فقال له الأخ : والله يا
شيخ أنا أعول أسرة وأصرف عليها ، وإن شاء الله إذا سافرت سأرسل لك المبلغ من هناك
، فقال له الشيخ الموقر : لا ، استلف من أحد الناس هذا المبلغ وحين تسافر أرسله له
، فذهب هذا الأخ والدنيا مسودة في عينه ، بسب هذا الشيخ الذي لم يخسر شيئا إذا
ساعده في هذا الأمر خاصة أنه يعول أسرة ، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
بل
إن بعض الناس لم يكن متقنا فيدفع الكثير والكثير فيحصل على الإجازة من الشيخ ،
والمتقن لا يأخذ الإجازة ؛ لأنه لم يستطع دفع المال المطلوب ؛ أليس هذا بظلمً من
الشيخ المجيز ؟! .
وبعضهم
لا يقرئ إلا عِلية القوم " مهندس ، دكتور ، شخصية مرموقة ،..... "
والسبب معلوم للجميع، ولا شك أن هؤلاء المشايخ سيُسألون عن هذا التعنت والتشدد
والغلو الفاحش في المال.
وأخيراً
- أخي الكريم - : دعك من اللهث وراء الشهرة الفارغة وخذ العلم من صاحب الدين
والسنة ،نسأل
الله العظيم أن يكون هذا الكلام عونا للجميع على طاعة الله ومرضاته ، والله أعلم.
س 10 هل الأفضل للطالب أن
يقرأ على شيخه القراءات إفراداً أم جمعاً ، وهل يستلزم حفظ الشاطبية أو الطيبة
مثلاً لقراءة القراءات من خلالهما ؟
الأفضل للطالب أن يفرد كل رواية أو
قراءة حتى ينتهي من القراءات العشر ، وهذا هو مذهب السلف الصالح ، وهذا هو الأفضل
والأقوى للطالب من حيث تثبيت القراءات ، فإذا انتهى من الأفراد وأراد أن يجمع فلا
بأس بذلك ،وقد جوزه بعض العلماء اقتصرا للوقت والعمر ، قال الإمام محمد بن الجزري
– رحمه الله تعالى – في طيبته :
وقد
جرى من عادة الأئمة ........... إفراد كل قارئ بختمهحتى
يؤهلوا لجمع الجمع ........ بالعشر أو أكثر أو بالسبع
أما
حفظ الشاطبية أو الطيبة للقراءة من خلالهما القراءات فلا يشترط وإن كان هو الأفضل
في استحضار الخلاف بين القراء ، وقد ذكر ابن الجزري – رحمه الله – في صفات الشيخ
المجيز أن يحفظ كتابا يحوي القراءات
فقال – رحمه الله – في المنجد ص :
"ويلزمه
أيضا أن يحفظ كتابا مشتملا على ما يقرئ به من القراءات أصولا وفرشا , وإلا دخله
الوهم والغلط فى كثير "
فالأمر
متعلق على حفظ كتاب أو اتقانه جيدا والقراءة من خلاله ، فكم من الناس لا يحفظ
الشاطبية ويقرأ القراءات على المشايخ ؛ ومن قال إنه يستلزم أو يجب ، نقول له : كيف
كان حال الذين يقرؤن القرآن قبل الشاطبي أو ابن الجزري ؟ هل كانت على أيامهم هذه
المنظومات ، أم إنهم كانوا يقرؤن القراءات بالتلقي والإتقان ؟ .
منقووووووووووووووووول